كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: وَمُسْتَوْطِنٌ، ثُمَّ) أَيْ وَعَدَمُ مُسْتَوْطِنٍ فِي عَرَفَةَ.
(قَوْلُهُ: أَنَّ مَنْ تَوَطَّنَ خَارِجَ السُّورِ إلَخْ) وَفِي فَتَاوَى الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ صَالِحٍ الرَّئِيسِ سُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ بَلْدَةٍ مُسَوَّرَةٍ مَيْمَنَةُ سُورِهَا حَارَةٌ وَمَيْسَرَتُهُ حَارَةٌ وَتُقَامُ فِي دَاخِلِ السُّورِ جُمُعَتَانِ جُمُعَةٌ لِلشَّافِعِيَّةِ مُسْتَوْفِيَةٌ لِلشُّرُوطِ كَامِلَةُ الْعَدَدِ وَجُمُعَةٌ لِلْخَوَارِجِ مُخْتَلَّةُ الشُّرُوطِ نَاقِصَةُ الْعَدَدِ وَفِي كُلٍّ مِنْ الْحَارَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ جُمُعَةٌ لِلشَّافِعِيَّةِ مُسْتَوْفِيَةٌ لِلشُّرُوطِ كَامِلَةُ الْعَدَدِ فَهَلْ يَجُوزُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إعَادَةُ الظُّهْرِ جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى أَوْ تَحْرُمُ وَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَحَيْثُ الْأَمْرُ مَا سُطِّرَ فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ كَانَ فِي دَاخِلِ السُّورِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ إعَادَةُ الْجُمُعَةِ ظُهْرًا؛ لِأَنَّ جُمُعَةَ الْخَوَارِجِ الْغَيْرِ الْمُسْتَوْفِيَةِ لِلشُّرُوطِ لَيْسَتْ جُمُعَةً وَلِانْفِصَالِهِمْ عَمَّنْ هُوَ فِي خَارِجِ السُّورِ بِالسُّورِ وَأَمَّا أَهْلُ الْحَارَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَتَا تُعَدَّانِ بَلَدًا وَاحِدًا بِأَنْ كَانَ بَعْضُهُمْ يَسْتَعِيرُ مِنْ بَعْضٍ وَاتَّحَدَ النَّادِي وَمَلْعَبُ الصِّبْيَانِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَحَلٌّ يَسَعُ الْجَمِيعَ بِلَا مَشَقَّةٍ فَالْإِعَادَةُ سُنَّةٌ لِمَنْ لَمْ تَتَقَدَّمْ جُمُعَتُهُ يَقِينًا، وَإِنْ وُجِدَ مَحَلٌّ يَسَعُهُمْ كَذَلِكَ فَالْإِعَادَةُ وَاجِبَةٌ لِمَنْ تَأَخَّرَتْ جُمُعَتُهُ وَلِلْجَمِيعِ إذَا وَقَعَتَا مَعًا أَوْ شُكَّ فِي الْمَعِيَّةِ وَحَيْثُ سُنَّتْ الْإِعَادَةُ سُنَّتْ الْجَمَاعَةُ فِي الظُّهْرِ وَحَيْثُ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ فَرْضَ كِفَايَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ الْحَارَتَانِ تُعَدَّانِ بَلْدَتَيْنِ بِأَنْ لَمْ يَتَّحِدْ مَا ذُكِرَ فَلَا تَجُوزُ الْإِعَادَةُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: إنَّ مَنْ تَوَطَّنَ خَارِجَ السُّورِ إلَخْ) شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ لَهُ سُورٌ آخَرُ مُتَّصِلٌ طَرَفَاهُ بِذَلِكَ السُّورِ كَمَا فِي الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَعْنِي السُّورَ يَجْعَلُهُمَا) إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فِيمَنْ لَزِمَتْهُ) أَيْ بِأَنْ أُقِيمَتْ الْجُمُعَةُ فِي مَحَلٍّ مِنْ بَلْدَةٍ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ إلَيْهَا (وَقَوْلُهُ: وَأَمْكَنَهُ إدْرَاكُهَا إلَخْ) أَيْ إدْرَاكُ جُمُعَةٍ فِي مَحَلٍّ مِنْ بَلْدَةٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ إلَيْهَا لِبُعْدِهِ وَتَوَقُّفِهِ عَلَى مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ اسْتِشْكَالُ الْبَصْرِيِّ بِقَوْلِهِ قَدْ يُقَالُ لَا مَعْنَى لِلْفَوَاتِ حِينَئِذٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: إنَّمَا يُتَّجَهُ إنْ سَمِعَ النِّدَاءَ مِنْهَا) يُمْكِنُ تَوْجِيهُ الْإِطْلَاقِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَنْسُوبٌ إلَى التَّقْصِيرِ فَلَا بُعْدَ فِي التَّغْلِيظِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْ لَا جُمُعَةَ بِبَلَدِهِ وَلَمْ يَسْمَعْ النِّدَاءَ مِنْ غَيْرِهَا فَتَأَمَّلْهُ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ بَعْدَ يَأْسِهِ إلَخْ قَدْ يُمْنَعُ وَيُفَرَّقُ. اهـ.
(لَا يَظْعَنُ) أَيْ يُسَافِرُ عَنْ مَحَلِّ إقَامَتِهِ (شِتَاءً وَلَا صَيْفًا إلَّا لِحَاجَةٍ) فَلَا تَنْعَقِدُ بِمُسَافِرٍ وَمُقِيمٍ عَلَى عَزْمِ عَوْدِهِ لِوَطَنِهِ، وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ وَمَنْ لَهُ مَسْكَنَانِ يَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي حَاضِرِي الْحَرَمِ نَعَمْ لَا يَأْتِي هُنَا اعْتِبَارُهُمْ، ثُمَّ مَا نَوَى الرُّجُوعَ إلَيْهِ لِلْإِقَامَةِ فِيهِ، ثُمَّ مَا خَرَجَ مِنْهُ، ثُمَّ مَوْضِعُ إحْرَامِهِ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ ذَلِكَ هُنَا وَإِنَّمَا الْمُتَصَوَّرُ اعْتِبَارُ مَا إقَامَتُهُ بِهِ أَكْثَرَ، فَإِنْ اسْتَوَتْ بِهِمَا فَمَا فِيهِ أَهْلُهُ وَمَحَاجِيرُ وَلَدِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ بِكُلٍّ أَهْلٌ أَوْ مَالٌ اُعْتُبِرَ مَا بِهِ أَحَدُهُمَا دَائِمًا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ بِوَاحِدٍ أَهْلٌ وَبِآخَرَ مَالٌ اُعْتُبِرَ مَا فِيهِ الْأَهْلُ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي كُلِّ ذَلِكَ انْعَقَدَتْ بِهِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ وَلَا تَأْتِي نَظِيرَةُ هَذِهِ، ثُمَّ لِتَعَذُّرِهِ، ثُمَّ مَا ذُكِرَ لَا يُنَافِيهِ مَا فِي الْأَنْوَارِ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا بِمَحَلٍّ شِتَاءً وَبِآخَرَ صَيْفًا لَمْ يَكُونُوا مُسْتَوْطِنِينَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ مَحَلَّ هَذَا فِيمَنْ لَمْ يَتَوَطَّنُوا مَحَلَّيْنِ مُعَيَّنَيْنِ يَنْتَقِلُونَ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ وَلَا يَتَجَاوَزُونَهُمَا إلَى غَيْرِهِمَا بِخِلَافِ مَنْ تَوَطَّنُوا مَحَلَّيْنِ كَذَلِكَ لَكِنْ اخْتَلَفَ حَالُهُمْ فِي إقَامَتِهِمْ فِيهَا فَإِنَّ التَّوَطُّنَ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا يُنَاطُ بِمَا نِيطَ بِهِ التَّوَطُّنُ فِي حَاضِرِي الْحَرَمِ وَأَفْتَى الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ فِي أَهْلِ بَلَدٍ يُفَارِقُونَهَا فِي الصَّيْفِ إلَى مَصَايِفِهِمْ بِأَنَّهُمْ إنْ سَافَرُوا عَنْهَا، وَلَوْ سَفَرًا قَصِيرًا لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِمْ، فَإِنْ خَرَجُوا عَنْ الْمَسَاكِنِ فَقَطْ وَتَرَكُوا بِهَا أَمْوَالَهُمْ لَمْ يَكُنْ هَذَا ظَعْنًا لِأَنَّهُ السَّفَرُ فَتَلْزَمُهُمْ، وَلَوْ فِيمَا خَرَجُوا إلَيْهِ إنْ عُدَّ مِنْ الْخِطَّةِ وَإِلَّا لَزِمَتْهُمْ فِيهَا وَمَا قَالَهُ فِي خُرُوجِهِمْ عَنْ الْمَسَاكِنِ ظَاهِرٌ إلَّا قَوْلُهُ: وَتَرَكُوا أَمْوَالَهُمْ فَلَيْسَ بِقَيْدٍ وَفِي سَفَرِهِمْ إنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ فِي مَصَايِفِهِمْ فَوَاضِحٌ نَعَمْ تَلْزَمُهُمْ إنْ أُقِيمَتْ فِيهَا جُمُعَةٌ مُعْتَبَرَةٌ أَوْ فِي بَلَدِهِمْ لَوْ عَادُوا إلَيْهَا فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُمْ عَنْهَا لِحَاجَةٍ لَا يَمْنَعُ اسْتِيطَانَهُمْ بِهَا إذَا عَادُوا إلَيْهَا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ الْمَتْنُ وَإِنَّمَا تَسْقُطُ عَنْهُمْ الْجُمُعَةُ نَعَمْ إنْ سَمِعُوا النِّدَاءَ وَلَمْ يَخْشَوْا عَلَى أَمْوَالِهِمْ لَوْ ذَهَبُوا لِلْجُمُعَةِ لَزِمَتْهُمْ مُطْلَقًا وَانْعَقَدَتْ بِهِمْ فِي بَلَدِهِمْ، وَلَوْ أَكْرَهَ الْإِمَامُ أَهْلَ بَلَدٍ عَلَى سُكْنَى غَيْرِهَا فَامْتَثَلُوا لَكِنَّهُمْ عَازِمُونَ عَلَى الرُّجُوعِ لِبَلَدِهِمْ مَتَى زَالَ الْإِكْرَاهُ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِمْ فِي الثَّانِيَةِ بَلْ فِي الْأُولَى لَوْ عَادُوا إلَيْهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَوْ خَرَجَ بَعْدَ الْفَجْرِ أَهْلُ الْبَلَدِ كُلُّهُمْ لِحَاجَةٍ كَالصَّيْفِ وَأَمْكَنَهُمْ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ بِوَطَنِهِمْ فَهَلْ يَلْزَمُهُمْ السَّعْيُ إلَيْهَا مِنْ حِينِ الْفَجْرِ لِأَنَّهُمْ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُعَطِّلُوهَا كَمَا مَرَّ أَوْ يَنْظُرُ فِي مَحَلِّهِمْ، فَإِنْ كَانَ يَسْمَعُ أَهْلُهُ النِّدَاءَ مِنْ بَلَدِهِمْ لَزِمَتْهُمْ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ فِي حُكْمِ بَعْضِ أَجْزَائِهِ وَإِلَّا فَلَا مَحَلُّ نَظَرٍ وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ وَهَذَا الشَّرْطُ لَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: أَوْطَانُ الْمُجَمِّعِينَ فَإِنَّ ذَاكَ شَرْطٌ فِي الْمَكَانِ وَهَذَا فِي الْأَشْخَاصِ حَتَّى لَوْ أَقَامَهَا فِي مَحَلِّ الِاسْتِيطَانِ أَرْبَعُونَ غَيْرُ مُسْتَوْطِنِينَ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِمْ، وَإِنْ لَزِمَتْهُمْ. اهـ. وَرُدَّ بِأَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ خَارِجَةٌ بِقَوْلِهِ الْمُجَمِّعِينَ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِغَيْرِ الْمُجَمِّعِينَ وَيُجَابُ بِأَنَّهَا، وَإِنْ خَرَجَتْ بِهِ إلَّا أَنَّ ذَاكَ خَفِيَ إذْ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُجَمِّعِينَ مُقِيمُو الْجُمُعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِهَا فَاحْتَاجَ لِبَيَانِهِ هُنَا مَعَ ذِكْرِ قُيُودٍ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهَا مِنْهَا اشْتِرَاطُ التَّكْلِيفِ وَالْحُرِّيَّةِ وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ أَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ إغْنَاءِ صَلَاتِهِمْ عَنْ الْقَضَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ فِي غَيْرِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ شَرْطَهُمْ أَيْضًا أَنْ يَسْمَعُوا أَرْكَانَ الْخُطْبَتَيْنِ وَأَنْ يَكُونُوا قُرَّاءً أَوْ أُمِّيِّينَ مُتَحَدِّينَ، فِيهِمْ مَنْ يُحْسِنُ الْخُطْبَةَ فَلَوْ كَانُوا قُرَّاءً إلَّا وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ أُمِّيٌّ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِمْ الْجُمُعَةُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ الْمَشْرُوطَةَ هُنَا لِلصِّحَّةِ صَيَّرَتْ بَيْنَهُمَا ارْتِبَاطًا كَالِارْتِبَاطِ بَيْنَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فَصَارَ كَاقْتِدَاءِ قَارِئٍ بِأُمِّيٍّ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ هُنَا بَيْنَ أَنْ يُقَصِّرَ الْأُمِّيُّ فِي التَّعَلُّمِ وَأَنْ لَا، وَأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا غَيْرُ قَوِيٍّ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ الِارْتِبَاطِ الْمَذْكُورِ عَلَى أَنَّ الْمُقَصِّرَ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْعَدَدِ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ وَإِلَّا فَالْإِعَادَةُ لَازِمَةٌ لَهُ وَمَنْ لَزِمَتْهُ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْعَدَدِ كَمَا مَرَّ آنِفًا فَلَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ هُنَا وَفِي انْعِقَادِ جُمُعَةِ أَرْبَعِينَ أَخْرَسَ وَجْهَانِ وَمَعْلُومٌ مِنْ اشْتِرَاطِ الْخُطْبَةِ بِشُرُوطِهَا الْآتِيَةِ عَدَمُ صِحَّةِ جُمُعَتِهِمْ، وَلَوْ كَانَ فِي الْأَرْبَعِينَ مَنْ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ بَعْضِ الْأَرْكَانِ كَحَنَفِيٍّ صَحَّ حُسْبَانُهُ مِنْ الْأَرْبَعِينَ، وَإِنْ شَكَّ فِي إتْيَانِهِ بِجَمِيعِ الْوَاجِبِ عِنْدَنَا كَمَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ بِنَا مَعَ ذَلِكَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ تَوَقِّيهِ لِلْخِلَافِ بِخِلَافِ مَا إذَا عُلِمَ مِنْهُ مُفْسِدٌ عِنْدَنَا فَلَا يُحْسَبُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ عِنْدَنَا، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْخَادِمِ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الشَّافِعِيِّ إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا تَقَرَّرَ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَمَنْ لَهُ مَسْكَنَانِ) أَيْ كَأَهْلِ الْقَاهِرَةِ الَّذِينَ يَسْكُنُونَ تَارَةً بِهَا وَأُخْرَى بِمِصْرَ الْقَدِيمِ أَوْ بِبُولَاقَ وَفِي فَتَاوَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ لَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي بَلْدَةٍ يُقِيمُ عِنْدَ كُلٍّ يَوْمًا مَثَلًا انْعَقَدَتْ بِهِ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي إقَامَتُهُ بِهَا أَكْثَرُ دُونَ الْأُخْرَى، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِيهَا انْعَقَدَتْ بِهِ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي مَالُهُ فِيهَا أَكْثَرُ دُونَ الْأُخْرَى، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِيهِ اُعْتُبِرَتْ نِيَّتُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ اُعْتُبِرَ الْمَوْضِعُ الَّذِي هُوَ فِيهِ. اهـ.
وَفِيهَا أَيْضًا فِيمَنْ سَكَنَ بِزَوْجَتِهِ فِي مِصْرَ مَثَلًا وَبِأُخْرَى فِي الْخَانْكَاه مَثَلًا وَلَهُ زِرَاعَةٌ بَيْنَهُمَا وَيُقِيمُ فِي الزِّرَاعَةِ غَالِبَ نَهَارِهِ وَيَبِيتُ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا لَيْلَةً فِي غَالِبِ أَحْوَالِهِ أَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُتَوَطِّنٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا حَتَّى يَحْرُمَ عَلَيْهِ سَفَرُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ لِمَكَانٍ تَفُوتُهُ بِهِ إلَّا لِخَوْفِ ضَرَرٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ مَا خَرَجَ مِنْهُ) قَدْ يُقَالُ مَا الْمَانِعُ مِنْ إتْيَانِ هَذَا بِأَنْ يُعْتَبَرَ مَا كَانَ فِيهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.
(قَوْلُهُ: فَمَا فِيهِ أَهْلُهُ) (قَوْلُهُ: نَعَمْ تَلْزَمُهُمْ إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا إذَا سَمِعُوا النِّدَاءَ مِنْ بَلْدَتِهِمْ وَإِلَّا لَمْ تَلْزَمْهُمْ؛ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ، وَلَوْ سَفَرًا قَصِيرًا لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ حَيْثُ لَمْ يَسْمَعْ نِدَاءَهَا مِنْ بَلْدَتِهَا.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ تَلْزَمُهُمْ إلَخْ) إنْ كَانَ السَّفَرُ الْقَصِيرُ كَمَا فِي سَفَرِ الْجُمُعَةِ الطَّوِيلِ فَإِنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ إلَّا بِإِقَامَةِ أَرْبَعَةٍ صِحَاحٍ أَوْ نِيَّةِ إقَامَتِهَا فَفِي إطْلَاقِ اللُّزُومِ نَظَرٌ إذَا لَمْ يَسْمَعُوا نِدَاءَ بَلَدِهِمْ مِنْ تِلْكَ الْمَضَايِقِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِمْ الْآتِي نَعَمْ إنْ سَمِعُوا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ يَسْمَعُ أَهْلُهُ النِّدَاءَ مِنْ بَلَدِهِمْ) أَيْ وَلَمْ يَخْشَوْا عَلَى أَمْوَالِهِمْ (قَوْلُهُ: مَحَلُّ نَظَرٍ) وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ لَعَلَّ الْأَوْجَهَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُمْ مُسَافِرُونَ وَالْمُسَافِرُ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَصُرَ سَفَرُهُ إلَّا إذَا خَرَجَ إلَى مَا يَبْلُغُ أَهْلَهُ نِدَاءُ بَلْدَتِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِذَلِكَ وَهَذَا مِمَّا يُؤَيِّدُ النَّظَرَ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ نَعَمْ يَلْزَمُهُمْ إنْ أُقِيمَتْ فِيهَا جُمُعَةٌ إلَخْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ دَخَلَ بَلَدَ الْجُمُعَةِ وَقَصُرَ سَفَرُهُ مَا لَمْ يَكُنْ خُرُوجُهُ إلَى مَا ذُكِرَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: إذْ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) أَقُولُ هَذَا الْجَوَابُ غَيْرُ مُلَاقٍ لِلرَّدِّ الْمَذْكُورِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ، وَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُجَمِّعِينَ مَا ذُكِرَ إلَّا أَنَّ تَقْيِيدَ الْإِقَامَةِ بِكَوْنِهَا فِي الْخِطَّةِ مَعَ إضَافَةِ الْخِطَّةِ إلَى الْأَوْطَانِ، ثُمَّ إضَافَةُ الْأَوْطَانِ إلَى الْمُجَمِّعِينَ نَصٌّ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ لَابُدَّ أَنْ يَكُونَ مَحَلَّ اسْتِيطَانِ الْمُجَمِّعِينَ، فَالصُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ لَا تَحْتَمِلُ إلَّا الْخُرُوجَ بِقَوْلِهِ الْمُجَمِّعِينَ بِاعْتِبَارِ مَا تَقَرَّرَ بِدُونِ خَفَاءٍ فِي ذَلِكَ نَعَمْ اعْتِبَارُ التَّكْلِيفِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالذُّكُورَةِ فِيهِمْ لَا يُفِيدُهُ مَا تَقَدَّمَ فَأَفَادَهُ هُنَا بِمَا قَبْلَ قَوْلِهِ مُسْتَوْطِنًا إلَخْ وَصَارَ قَوْلُهُ: مُسْتَوْطِنًا إلَخْ مُسْتَغْنًى عَنْهُ نَعَمْ يُمْكِنُ حِينَئِذٍ دَفْعُ دَعْوَى الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِأَنَّهُ أَفَادَ تَفْسِيرَ الِاسْتِيطَانِ بِمَا لَا يُسْتَفَادُ مِمَّا تَقَدَّمَ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ.
(قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ) يُتَأَمَّلُ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ) أَيْ فِيمَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ، أَمَّا لَوْ وُجِدَ أَرْبَعُونَ تُغْنِي صَلَاتُهُمْ عَنْ الْقَضَاءِ فَظَاهِرُ صِحَّتِهَا لِمَنْ لَا تُغْنِي صَلَاتُهُ تَبَعًا، وَإِنْ لَزِمَهُ قَضَاءُ الظُّهْرِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ وُجِدَ هُنَاكَ أَرْبَعُونَ غَيْرُهُمْ تُغْنِي صَلَاتُهُمْ عَنْ الْقَضَاءِ وَكَذَا إنْ لَمْ تُوجَدْ بِأَنْ كَانَ جَمِيعُ أَهْلِ الْبَلَدِ لَا تُغْنِي صَلَاتُهُمْ عَنْ الْقَضَاءِ فَلَا تَصِحُّ مِنْهُمْ الْجُمُعَةُ أَخْذًا مِنْ تَوْجِيهِ مَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ فِي الْأُمِّيِّ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ الْمُشْتَرَطَةَ هُنَا إلَخْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا تُغْنِي صَلَاتُهُ عَنْ الْقَضَاءِ كَالْأُمِّيِّ فِي أَنَّ كُلًّا لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ هُوَ أَوْلَى مِنْ الْأُمِّيِّ بِالْمَنْعِ هُنَا؛ لِأَنَّ الْأُمِّيَّ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِمِثْلِهِ بِخِلَافِ مَنْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ.
(قَوْلُهُ: بَاطِلَةٌ وَإِلَّا فَالْإِعَادَةُ) بَقِيَ قِسْمٌ آخَرُ تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَلَا إعَادَةَ وَهُوَ مَنْ لَا يُمْكِنُهُ التَّعَلُّمُ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ: وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا عَدَمُ الِانْعِقَادِ لِفَقْدِ الْمَظِنَّةِ، فَإِنْ وُجِدَ مَنْ يَخْطُبُ لَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ بِهِمْ صَمَمٌ يَمْنَعُ السَّمَاعَ انْعَقَدَتْ بِهِمْ لِأَنَّهُمْ يَتَّعِظُونَ كَذَا فِي شَرْحِ م ر وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ تَبَعًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ مِنْ حَمْلِ كَلَامِ الْبَغَوِيّ فِي مَسْأَلَةِ الْأُمِّيِّ الْمَذْكُورَةِ عَلَى مَنْ قَصَّرَ فِي التَّعَلُّمِ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ غَيْرُ مُقَصِّرِينَ وَمَعَ ذَلِكَ لَابُدَّ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ مِنْهُمْ كَمَا جَزَمَ بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي شُرُوطِ الْإِمَامَةِ مِنْ امْتِنَاعِ اقْتِدَاءِ الْأَخْرَسِ بِالْأَخْرَسِ أَمَّا عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحِ فِي مَسْأَلَةِ الْأُمِّيِّ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ انْعِقَادِ جُمُعَتِهِمْ وَقَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ إلَخْ أَيْ إلَّا إنْ جَوَّزْنَا اقْتِدَاءَ الْأَخْرَسِ بِالْأَخْرَسِ وَخَطَبَ غَيْرُهُمْ إنْ لَمْ نَكْتَفِ بِخُطْبَةِ أَحَدِهِمْ بِالْإِشَارَةِ وَأَمَّ أَحَدُهُمْ بَاقِيَهُمْ فَقَطْ فَتَأَمَّلْهُ فَمِنْهُ، وَإِنْ وُجِدَ مَنْ يَخْطُبُ وَيَؤُمُّ لَهُمْ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْأُمِّيِّ لِأَنَّهُمْ أُمِّيُّونَ أَوْ فِي حُكْمِ الْأُمِّيِّينَ.